بدأت تتوارد، في الآونة الأخيرة، أنباء عن وفيات رجال الأمن بالمملكة بشكل فجائي. فقد انتشر مؤخرا نبأ وفاة شرطي بالدار البيضاء، ووفاة آخر داخل قاعة رياضية بمدينة بيوكري، فيما انتقل إلى دار البقاء، قبل أسابيع قليلة، شرطي آخر بفندق بمدينة القنيطرة.
وفيات رجال الأمن المفاجئة تطرح تساؤلات حول الأسباب التي تؤثر على صحتهم وتؤدي إلى الموت أحيانا أو الإصابة بأمراض مزمنة أحيانا أخرى، وهو ما أجمله خبير أمني في "الظروف الصعبة التي يعانيها هؤلاء أثناء تأديتهم لمهامهم".
وقال الصديق القسطالي الدامون، شرطي برتبة ضابط شرطة ممتاز متقاعد خبير في الشأن الأمني، إن نظام العمل بسلك الأمن بالمملكة "يتسم بصعوبات عدة، من بينها ما هو مرتبط بساعات العمل وظروفه، ومنها ما يتعلق بالتكوين وضمان حقوق الإنسان".
وفي تصريحه ، أورد الدامون أنه طيلة مساره المهني، الذي دام لمدة 41 سنة، لم ير يوما شرطيا يتم تعويضه عن أيام العطل التي يشتغل خلالها، قائلا: "لا يوجد أي شرطي بالمملكة يستفيد من أيام التعويض"، وانتقد نظام العمل الذي غالبا ما يخلف "التوتر والقلق وينهك الأعصاب"، وفق تعبيره.
وقال الدامون: "في الوقت السابق كان نظام العمل بالشرطة هو الاشتغال لثماني ساعات والراحة لأربع وعشرين ساعة، ليتم الاستغناء عن هذا النظام والعمل بنظام يقضي بالعمل لثماني ساعات مقابل الراحة لـ 16 ساعة، فيما اليوم يتم الاشتغال لثماني ساعات والراحة فقط لثماني ساعات".
وأضاف المتحدث أنه منذ حوالي سنة يتم العمل بنظام يسمى "الدوبلاج" موضحا: "مثلا، إن أنهى الشرطي عمله في الواحدة صباحا يكون لزاما عليه مواصلته في التاسعة ليلا، وبالتالي لا يكون هناك وقت للراحة"، ناهيك عن كون "مغادرة الأمني للمنطقة الإقليمية ومكان عمله يبقى رهينا بقدوم الزميل الذي سيعمل على تعويضه"، يشرح الدامون الذي طالب بضرورة "إعادة النظر في هذا النظام".
الخبير الأمني انتقد أيضا طرق التعامل مع رجال الشرطة والأمنيين، وقال: "خلال القيام بإجراءات أمنية يبقى رجال الأمن مرتبطين بتعليمات لا يمكن تجاوزها. فحتى وإن تم الاعتداء على الشرطي، فيجب عليه عدم التدخل أو إصدار رد فعل عنيف، خاصة في المظاهرات. وبالتالي، يمكن أن يتعرض للمخاطر"، مشيرا إلى أن "مسألة حقوق الإنسان تحتاج إلى التوضيح في هذا الجانب".
وفي الإطار نفسه، يرى الدامون أنه "يجب توضيح المهام التي على عناصر الأمن القيام بها، لاسيما الجدد منهم، وإعطاؤهم تعليمات واضحة، خاصة أن بعض الشرطيين لا يتوفرون على تكوين قانوني ولا يعلمون حالات الدفاع الشرعي التي يمكن خلالها الدفاع عن النفس، مما قد يؤدي إلى عدم ثقة الشرطي بنفسه".
ومن ضمن الحلول التي اقترحها المتحدث إحداث لجنة في المديرية العامة للأمن الوطني، تضم مختلف الفعاليات، لدراسة كل ما يتعلق بالشرطي، وحالته العامة ووضعيته النفسية، والظروف التي يعيشها